المنقب الآثاري المنسي هرمز رسام
الاول في دنيا العرب يدرس في جامعة اوكسفورد كريستيان رسام شقيق هرمز رسام كان قنصل انكلترا في الموصل
العراق
في القرن التاسع عشر العصر المعثمن المظلم، سطع فيه نجمان بارزان ممن
تناساهم مدونوا التاريخ غير البعيد في الخمسينات من القرن العشرين وما
بعدها وقبيل (الصدامية) يوم كان العراق عراقا، النجمان اللامعان هما (هرمز
رسام) و (ماري تيريز اسمر)، (هرمز رسام) الآثاري كان اول عراقي يدخل
(جامعة اوكسفورد) في لندن ليدرس (علم الآثار) في عصر عثماني غامق وهو اول
(عراقي) يدخل (جامعة اوكسفورد) في التاريخ وفي زمن لم يصل فيه ايا من
البلاد العربية (جامعة اوكسفورد) ولم تكن في العراق او البلاد العربية
كلية او جامعة او حتى مدرسة ابتدائية. اما (ماري تيريز اسمر) فقد ولدت عام
1804 في خيمة والدها المضياف بين خرائب نينوى كما تقول هي في كتابها
النادر المحفوظ في المكتبة البريطانية، الكتاب يقع في جزئين، قيما يقرب من
700 صفحة الصادر في عام 1844. تصوروا امرأة عراقية تصدر كتابا في انكلترا
بالانكليزية فاية عبقرية كانت تحملها (ماري تيريز اسمر) ولو بقي كتابها في
العراق لاصيب بالتمزق او الحرق عمدا.
(هرمز رسام) رافـق
الاثاري المعروف (هنري لايارد) بين عامي 1845 ــ 1847 إلى لندن لاستكمال
دراسته في جامعة اكسفورد. وبعد إكمال الدراسة عاد إلى العراق بصحبة صديقه
لايارد وقاما سوية بالتنقيب والكشف في مناطق أثرية عديدة بين عامي 1849 ــ
1851 من اكتشاف (71) غرفة وقاعة وممراً في تل كويسنجق وعثرا ايضاً على
مكتبة اشور بانيبال التي احتوت ما يقارب من 25,000 رقيم طيني وضعت على
جوانبها الثيران المجنحة وهذه شكلت اغنى اثار العالم, ومن هذه الرقم
الطينية عثر على لوح دونت فيه )قصة الطوفان( و) ملحمة كلكامش(. وعندما
غادر (هنري لايارد) العراق نهائياً عام 1851 أوكل مهمة التنقيب الى صديقه
(هرمز رسام) اذ كلف بالمهمة ذاتها باسناد من المتحف البريطاني فابدع في
مهمته وعثر على العديد من الكتابات والمخطوطات القديمة التي سجلت ثقافة
وعلوم وعقائد الشعوب القديمة في (بيث نهرين). يتحدث الاثاري المشهور
(اندري بارو) عن طريقة (هرمز رسام) في التنقيب في كتابه (آثار بلاد
الرافدين) قائلاً (تولى "هرمز رسام" بعد مغادرة "لايارد" بالكشف والتنقيب
لوحده في عدة مناطق وعثر على عدة آثار ثمينة نذكر منها تمثال "عشتار
امرأة" عارية على مقربة من معبدها في نينوى والمسلة البيضاء في تل كويسنجق
وتعرف على اسم اشور ناصر بال في هذه المسلة بين عامي 1852 ــ 1853). قم
عثر (هرمز رسام) عام 1879 في (تلا بلادات) شمال شرق مدينة كالح (نمرود)
على بوابتين برونزيتين نقشت عليها تصاوير (الملك شلمنصر) وهو يستلم الجزية
من (ملك قرقميش) وحصاره مدينة اورارتو. إضافة لانشغال (هرمز رسام) في
التنقيب والكشف عن الآثار فقد تولى مهاما سياسية منها الوساطة عام 1855
بين قائد الحركة الكردية (يزدان شير) والحكومة العثمانية. كما تقصي أحوال
المسيحيين في آسيا الوسطى. وفي سنة 1901 توفي (هرمز رسام) بعد آن قدم
خدمات جليلة لشعبه وللبشرية جمعاء وترك عدة مصنفات اهمها (أشور وارض
نمرود) و (الأراضي الكتابية) و (جنة عدن).
(اندرو جورج) وهو من
الباحثين الحديثين البارزين في الدراسات البابلية، ، اعتبره احد ابرز
الباحثين في الاشوريات لكنهم لا يذكرونه الا قليلا. ولماذا لا يتطرق اليه
احد؟ يقول (دامروش) في كتابه (الكتاب المدفون) الاستاذ في الادب المقارن
قراءه وعلى معرفة بالحضارة المسيحية الاسلامية (ان قصة كلكامش والالياذة
والانجيل والقران لم تكن نتاج حضارات منعزلة ومتضادة الى الابد. فهنالك
علاقات متبادلة بينهما. فهي ثمرات لنسيج حضاري بين غرب اسيا وشرق البحر
الابيض المتوسط. فأسماعيل واسحاق أخوان غير شقيقين وكذلك نوح واوتونابشتم
فهما نسختان لشخصية واحدة). ان السبب في نسيان (هرمز رسام) مسيحي كلداني
ذكر بلا شك، كونه شخصية شرقية. وعند التطرق الى التمييز العنصري فسيكون
اهمال ذكره هو سبب ذلك. ويضيف (دامروش) ان (هرمز رسام) مسيحي كلداني لم
يكن من النوعية الملائمة ليذكر في مثل هذه الاستكشافات لكونه من الشرق،
رغم انه ترعرع كانكليزي اكثر من الانكليز وخدم في السلك الدبلوماسي وعاش
مايكفي ليرى ابنته تصبح نجمة في (اوبريت كلبرت وسوليفان). اوضح (دامروش)
بصورة جلية ان الاستكشافات الاثارية لهذا الرجل لم تقيم باستمرار او عزيت
بصورة قاسية الى اخرين. وفي نهاية حياته اضطر (هرمز رسام) الى اقامة
الدعوى على (والاس بريدج) عالم المصريات الذي اتهمه ببيع اثار مزورة.